قصة جاسوسة عربية الجزء السادس
صفحة 1 من اصل 1
قصة جاسوسة عربية الجزء السادس
التقاء الخونة
لم يكن لها في إسرائيل من أصدقاء، سوى نفر قليل من رجال الموساد، الذين فوجئوا بها وقد علتها مسحة قاتمة من لإرهاق. طلبوا منها أن تستريح بشقتها ريثما تهدأ. وحتى لا تزيدها الوحدة أرقاً، صاحبتها طبيبة نفسية يهودية من أصل عراقي تدعى زهيرة. وفي شقتها بمدينة ريشون لتسيون. عملت زهيرة على تهيئتها للاندماج بالمجتمع الاسرائيلي، تمهيداً لاستقرارها النهائي، بما يعني الاكتفاء بخدماتها السابقة كعميلة في الموساد. لقد كانت مهمة زهيرة ألا تفاتحها في أمر إنهاء خدمتها، فهي ليست منوطة بذلك. ولكن تنحصر في إذابة جدران العزلة النفسية التي تحيط بالعميلة، بدمجها شيئاً فشيئاً باليهود العرب، وخلق محيط اجتماعي موسع من حولها. لقد حدثتها صديقتها الجديدة عن المهاجرين العرب من اليهود، الذين قدموا من شتى الأقطار المجاورة، وكيف استساغوا العيش في المجتمع الجديد المتحرر، وحدثتها كذلك عن بعض المسيحيين الذين فروا الى إسرائيل طلباً للحرية والأمن. ومن بين الذين ذكرتهم، النقيب الطيار منير روفه - الكاثوليكي العراقي - الذي فر لإسرائيل بطائرته الحربية وعندما أبدت أمينة رغبتها في لقائه، عرضت زهيرة الأمر على رؤسائها فجاءتها الموافقة. وتم ترتيب اللقاء بمنزل روفة بين زوجته وأولاده. كانت أمينة في شوق بالغ للقاء الطيار الهارب، ليس لأنه عربي بل لتسأله عما يجول بخاطرها من تساؤلات قد تفيدها معرفة إجاباتها. وبابتسامة عريضة بباب منزلهما، رحب منير وزوجته بأمينة وقاداها الى الداخل. كان منير روفة في ذلك الوقت في الثامنة والثلاثين من عمره، أسمر . . واسع العينين والجبهة . . غزته مقدمات الصلع. أما الزوجة مريم فكانت على مشارف العقد الرابع، طويلة. . ذات شعر انسيابي طويل، وفم واسع. . فجاء . . لها صوت خشن. كانت مظاهر الثراء بادية جداً على المنزل وأهله. وبرغم ذلك جاءت مريم بالحلوى والشاي بنفسها. ولما سألتها أمينة ممتنة على الخادمة، أجابتها المضيفة بأن المجتمع الاسرائيلي ما زال بحاجة الى تطور وينظر الى المرأة التي تجلب خادمة نظرة اتهام بالبرجوازية. لذلك فهي تقوم بمهام المنزل بنفسها. أما منير . . فقال لها إنه مر بحياة عصيبة في البداية. حيث كان يجهل العبرية وبلا عمل ولا أصدقاء. ويتابعه كظله رجلا أمن في الشارع والبيت. ثم عمل لبعض الوقت بجيش الدفاع، والآن يمتلك وكالة إعلانية كبيرة خاصة به اسمها الأضواء "الحانوكا"، وتعمل معه مريم كمديرة لمكتبه وللعلاقات العامة. ولما سألته أمينة: كيف يفشل طيار محترف في القفز إذا أصيبت طائرته في الجو؟ . . وهل الطائرة السكاي هوك الأميركية تتحول الى مقبرة لقائدها قبلما تسقط . .؟ كانت تريد إجابات محددة ومنطقية، فربما استمرت في التعلق بأمل عودة زوجها موشيه، أو بنسيان الأمر نهائياً. فضباط الموساد كانت إجاباتهم مبهمة ولا تحمل نفياً تاماً أو تأكيداً. وذلك ما يحيرها ويرهق عقلها - فأفاض منير روفة في الشروح . . وأوضح لها أن الطائرة سكاي هوك SKY HAWK-4H التي طار بها موشيه اعتمد تصميمها على حماية الطيار، وهي مزودة بكرسي قذف مزدوج، ويمكن إطلاقه من ارتفاع الصفر وبسرعة الصفر أيضاً - وهو كرسي قاذف من طراز دو جلاس أسكاباك A -C3 كابينة القيادة بها مدرعة في المقدمة والمؤخرة والجانب الأيسر، وسمك التدريع حوالي 18 مم. وأكد لها على أن زوجها موشيه إما أصيبت طائرته بصاروخ "سام 6"، وفي هذه الحالة ربما يكون أسيراً لدى السوريين، أو أن صاروخاً طرازATOLL جو / جو، أصاب به السوريين كابينة قيادته الفقاعية فانفجرت به الطائرة في الجو. كانت إجابة روفة - الأكثر شروحاً - تعطى ذات الإجابة التي سمعتها من قبل. فلا هو أوضح نافياً او مؤكداً. وبقي السؤال كما هو: هل موشيه بيراد ما يزال حياً في قبضة السوريين؟ أم انفجرت به الطائرة في الجو؟ . . وفي الحالة الأخيرة. . لا بد أن يعثر السوريون على بعض من أشلائه . . ومن ثم يعلنوا الخبر . . وهو ما لم يحدث .!!.
الأفعى الغاضبة
عادت أمينة الى شقتها أكثر قلقاً . . وغضباً. يحفها الإصرار على الانتقام لزوجها، لكن صدمتها كانت قاسية جداً، عندما زارها مسؤول بالموساد، وبعد حديث طويل عن فدائيتها الشجاعة فاجأها بقوله:- سيدتي - بعد هذا العناء الكبير . . يرى رؤسائي في الجهاز أنه من الواجب العمل على إراحتك . . وحمايتك. وجئت اليك لأعرض رغبتهم في الوقوف على ما تريدينه، ولأطلعك على العمل الجديد الذي ينتظرك، وهو بلا شك عمل مثير ويتناسب مع. . قاطعته أمينة قائلة:- أتقصد سيدي إنهاء عملي في بيروت؟ وجاء رده أكثر حسماً:- وفي الموساد سيدتي . . وسوف تحصلين على لم تتركه أمينة يكمل جملته إذ انطلقت بكل الغضب الكامن بأعماقها تقول:- لن أقبل ذلك أبداً . . فأنا ما جئت لإسرائيل هذه المرة إلا لأنني اهتززت قليلاً أمام موقف استدعائي. ولماذا هكذا تستغنون عن خدماتي لكم بسهولة؟، بالرغم من أنني فرصة ذهبية لا يجب أن تضيعوها فأنا جئتكم بالكثير عن أخبار المقاومة التي تهدد مستعمراتكم في الشمال، وأطلعتكم على أشياء كانت غامضة لكم، كل ذلك دون أن أقبض منكم سوى ألفي دولار أرجو أن تدعني أكمل من فضلك. هل تستطيع أن تؤكد لي أن أحد عملائكم جلس وتحدث مع علي حسن سلامة؟ أو أن أحدهم وصف لك مبنى قيادة المنظمة الفلسطينية من الداخل؟ أما أنا فقد دخلت لمكتب عرفات وألتقي بسلامة مرتين أسبوعياً. وبواسطة جسدي هذا -ورفعت عباءتها- جئتكم بالتليفونات السرية لكل القادة الفلسطينيين، ليتنصت جواسيسكم هناك عليها. وخلعت ثيابي لكل كلب فينتهك جسدي لأجلب لكم الأسرار . . والوثائق . . والمعلومات . . وفي النهاية تقولون لي ببساطة: شكراً . . !! سيدة أمينة . . نحن ما فكرنا إلا بحمايتك . . وما كنا سنبخس عليك حقك كانت أمينة ترتعد حقاً . . ويهتز بدنها كله وقد امتقع لونها واكفهر الوجه يغشاه اصفرار وهي تقول هل تستطيع أن تجيبني لماذا أنا في إسرائيل الآن؟ ألأنني لا أجد مأوى بين اهلي. أم لأنني أحببت يهودياً وتزوجته؟ . . لا أقول ذلك لأنني أحسست بـ الندم.. لا .. فأنا بعت الدنيا كلها من أجله.. بعت أهلي . . وديني.. ووطني لأكون معه. ولأنه مات .. فأنا لن أكف.. نعم.. لن أكف وهل أنا عبء ثقيل عليكم الأمر ليس كما تعتقدين سيدتي . .أردفت أمينة وصوتها كفحيح الأفعى، ينفث الغضب والكراهية كالسم:- أبلغ رؤسائك أنني لن أتوقف أبداً، حتى ولو أدى الأمر لأن أغادر إسرائيل الى الأبد وعندها قد أفكر . . وبعيداً عنكم .. بعملية انتحارية داخل مكتب عرفات شخصياً !!انزعج الرجل .. وأسرع الى رؤسائه ينبئهم بالأمر . . وبلهجة الصدق والإصرار والغضب في صوتها. وكان لا بد من إيجاد حل وإلا فهناك كارثة مؤكدة قد تقع بين لحظة وأخرى. ففي الحال . . صدرت الأوامر للمطار بمنع آني موشيه بيراد - أمينة المفتي - من المغادرة
مواضيع مماثلة
» قصة جاسوسة عربية الجزء الثاني
» قصة جاسوسة عربية الجزء الثالث
» قصة جاسوسة عربية الجزء الرابع
» قصة جاسوسة عربية الجزء الخامس
» قصة جاسوسة عربية الجزء السابع
» قصة جاسوسة عربية الجزء الثالث
» قصة جاسوسة عربية الجزء الرابع
» قصة جاسوسة عربية الجزء الخامس
» قصة جاسوسة عربية الجزء السابع
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى