Montada Mraizeh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ثقافة دينية- زمن التريودي (2)

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

ثقافة دينية- زمن التريودي (2) Empty ثقافة دينية- زمن التريودي (2)

مُساهمة  magdeeb الجمعة فبراير 29, 2008 11:02 am

أحد مرفع اللحم

من محبة الكنيسة الأرثوذكسية للصيام والاستعداد له كأنه موسم ننتظره بفرح جعلت لنا اسبوعا يسبقه ندخل فيه جزئيا بالإمساك اذ نمتنع عن اللحم محافظين على البياض. هذا هو اول يوم من هذا الأسبوع يسمى مرفع اللحم اذ في اليوم الذي يليه نرفع اللحم عن الموائد.
القراءة فيه هي إنجيل الدينونة كما ورد عند متى، والمقول فيه أن المسيح يدين كل الأمم على قياس واحد وهو قياس المحبة، والناس خراف وجداء أي ناس عاشوا المحبّة وناس لم يعيشوها. في الحقيقة لا تقتصر الدينونة على هذا اذ يسألنا الرب عن الوزنات التي استثمرناها أو أهملناها.
ماذا يقول يسوع لمن أجلسهم عن يمينه أي الذين كانوا يحبونه وبسبب من هذا أعدّ لهم الملك؟ يقول: إني جعت فأطعمتموني وعطشت فسقيتموني الى آخر الأقوال المشابهة. يقول: هؤلاء المعوزون الى طعام وشراب وإيواء وافتقاد، اذا أعطيتموهم ما كانوا في حاجة إليه، فإنكم فعليا قدمتم هذا لي. السيد يتماهى معهم أي يوحّد نفسه بهم. فأنت فعليّا تقدّم لهم ليس فقط شيئا من هذا العالم ولكن تقدّم لهم نفسك. واذا أنت أعطيتهم أو سألت عن أحوالهم تكون قد قدمت هذا للمخلّص نفسه.
أجل اذا تصاعدت نفسك الى المسيح بالصلاة والتوبة وانشددت اليه بكلمته تكون قد صرت ذبيحة له. ولكن كي تمتحن صدق صلاتك، وعمقها وتوبة نفسك لا بد من أن تذهب منها جميعا الى الانسان. لا يعني هذا أن السيّد المبارك لا يسألك عن صلاتك ولكن هذا يعني أنك لم ترتفع بها حقيقة الا اذا ذهبت الى القريب وأعنته، فبلا صلاة وتوبة لا تخرج أنت الى الفقير والمريض وهما الفئتان المحتاجتان بنوع خاص في الانسانية. واذا ذهبت الى هؤلاء يكونون هم سبب تقديسك ويرفعونك ذبيحة الى المخلّص وتندمج هكذا بآلامه وعند ذاك لك القيامة.بعض الوعاظ يقولون ان يسوع لا يسألنا عن الصلاة اذا صليناها. الجواب ان صلاتك انما ثمرتها العمل الصالح. هو لا ينطلق منك الا اذا كنت متحدا مع يسوع يوميا واذا دعوت اسمه. انه تكلم على الصلاة في مواضع اخرى من الإنجيل. في الدينونة التركيز على الآخر. لقاؤك اياه هو امتحان صدقك في المحبة، وذلك كله ينطلق من قول المعلم: "احبوا بعضكم بعضا كما انا احببتكم".

ثم اذا التفت الديّان العادل الى الذين هم عن يساره يقول لهم:"اذهبوا عنّي يا ملاعين الى النار الأبدية المعدّة لإبليس وملائكته". وكأنّه يقول لهم: إنكم في الجحيم لأنكم لم تحبوا لأني جعت فلم تطعموني وكنت عريانا فلم تكسوني الى آخر أعمال الرحمة التي لم يقوموا بها للمعوزين والمنفيين من الوجود والمتعطّشين الى الحب. ويسألون كالخراف: متى رأيناك جائعا أو عطشانا أو غريبا... اذ ذاك يجيبهم: "الحق أقول لكم بما أنكم لم تفعلوا هذا بأحد إخوتي هؤلاء الصغار فبي لم تفعلوه".
أمام الخراف والجداء يسمّي المحتاجين الى خبز وافتقاد وعطف وحنان إخوته الصغار وهذه عنده تسمية دلال. ثم ينتهي الفصل بقول الانجيلي:"فيذهب هؤلاء (أي الذين لم يكن عندهم رحمة) الى العذاب الأبدي والصديقون الى الحياة الأبدية". هذا قول قاطع فالذي لم يصنعها الرحمة مع البشر لا ينتظرها من الرب. لم يكن له مع الرب علاقة هنا فلن تكون له في اليوم الأخير.
السيد لا يعطي الرحمة اعتباطا ولا يمسكها اعتباطا. هذا الانجيل يبيّن أنّ الرب يسوع يحب الذين يريدون حبّه. ليس هو لطيفا بميوعة، إنه أيضا ديّان. الايقونات منها أيقونة الضابط الكل أي المسيح في وسط قبّة الكنيسة كما في دير "دفني" في ضواحي أثينا. هي تظهر ملامح وجهه قاسيا لأنه لا يحتمل الخطايا. نحن لا حق لنا أن نتكل على رحمته دون أن نصنع رحمة، أو على غفران إن لم نتشدّد بالتوبة. فلا مغفرة بلا استغفار. يسوع هنا يدمج نفسه او يوحد نفسه مع المحتاجين، يتماهى واياهم بمعنى ان ماهيتهم ماهيته، وكأنه يقول: انتم تحسبون انكم تحبونني، ولكن امتحان حبكم لي هو انكم خرجتم من البخل والأنانية والانعزال الى الآخرين وجعلتم، بالعطاء، انفسكم واحدا معهم، محك صدقكم انكم خرجتم من سجن الأنا الى الآخرين فكنتم واياهم واحدا. اذ ذاك، صرتم واحدا معي.
لماذا وضعت الكنيسة هذا الإنجيل قبل الصوم؟ ذلك أن بعضا من الصائمين يظنّون أنّهم "يشترون" المسيح. الصيام ليس استعطافا لله الا اذا دعوته ليملأ قلبك . وتريد الكنيسة منّا الصوم كجهاد نتروّض فيه على محبّة القريب، فإذا أمسكنا فلنعطي ما لنا للجائع ونعود المريض ونؤوي الغريب وما الى ذلك. ليس الصوم رياضة جسديّة. ماهذه الا وسيلة لترويض القلب على المحبّة. واذا عشناها صادقين يضمّنا السيّد الى صدره كما ضمّ التلميذ الحبيب في العشاء السري.
وما يقربنا بعضنا الى بعض في زمن الصيام هو الاحسان فإننا في قصد الصدقة اساسا نمتنع عن طعام فنعطي الفقراء ثمنه، هكذا بدأ الصيام في الكنيسة الأولى. وهذا يبقى واجبا حتى اليوم لنستحق الجلوس على مائدة الرب في السماويّات. "من كانت له خيرات الدنيا ورأى بأخيه حاجة فأغلق احشاءه دون اخيه فيكف تقيم فيه محبة الله" (1يوحنا 3: 17). ويزداد هذا المعنى وضوحا بقول هذه الرسالة: "اذا قال احد: اني احب الله وهو يبغض اخاه كان كاذبا لأن الذي لا يحب اخاه وهو يراه لا يستطيع ان يحب الله وهو لا يراه" (4 :20) .
من احب الله في الإخوة لا يدينه الله .
صلوات هذا الأحد تصور يوم الدينونة على انه رهيب وتتكلم على الخوف والرعدة امام المحاكمة . هنا يسوع هو الديان، صورته صورة الإله اللطيف الحنون. غير انك انت اسأت الى لطفه وحنانه لما أهملت إخوتك البشر. حنانه بالضبط هو الذي يدينك. بادر الى المحبة الآن لئلا توبَّخ توبيخا ابديا. واذا كان الله سيديننا جميعا فنحن لا ندين احدا بل نرسله الى الرحمة ونستخدم وقت صيامنا للتقرب الى من اعوزهم طعام او اعوزتهم عاطفة .
في الخدمة الإلهية عند الغروب والسَحَر حديث مستفيض عن نهر النار التي ستعاقب الخطأة (الارثوذكس لا يتكلمون عن نار حسية ولكن هناك "وجع لا يبطل" عند الذين رفضوا الله وفارقوه). "من يحتمل ذلك الحكم الهائل؟ افعالنا هي التي تنتصب لتوبيخنا، هناك رعدة وخوف (العهد الجديد ما أبطل الخوف)."الضابط الكل يوافي فمن يحتمل خوف حضوره" ؟ هناك تأكيد على اننا "نقف عراة لدى الحاكم العادل" اذ ليس امتياز لأحد مهما سمت منزلته في الأرض، والدينونة تشمل "الأفعال والظنون والأفكار الصادرة في الليل والنهار" .

ترتيلة الأحد
لنسبق أيها الأخوة وننقي أنفسنا بملكة الفضائل، فها هي قد وافت جالبة لنا الثروة الصالحة مخمدةً نهضات الأهواء ومصالحة الأثمة مع السيد . فلنستقبلها بسرور هاتفين إلى المسيح الإله : يا من قام من بين الأموات احفظنا غير مُدانين نحن الممجدين إياك أيها العادم الخطأ وحدك .

أحد مرفع الجبن

بعد أن أمسكنا عن اللحم الأسبوع الماضي نبدأ غدًا الإثنين الصيام المقدّس فنرفع كل مشتقّات اللّحم (الأجبان والألبان) عن الموائد. لذلك سمّي اليوم الذي نحن فيه مرفع الجبن وتبدأ القراءة الإنجيلية بقول السيّد:"إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أبوكم السماوي أيضًا، وإن لم تغفروا للناس زلاتهم فأبوكم أيضًا لا يغفر لكم زلاتكم". لذلك يسمّى أيضا هذا اليوم أحد الغفران وتنتهي صلاة الغروب فيه أن كلاً من المؤمنين الحاضرين يستغفر الآخر، وفي بعض كنائسنا الأرثوذكسيّة ليس فقط يستغفر بالكلام ولكن يجثو كل من المؤمنين أمام الآخر ويقبّله.
المهم إن أساء أحد إليك الا تقيم عليه خطيئة لعلّه يعود الى محبّتك. المهم الا تشقى أنت بالإساءة التي وجّهت اليك وأن تنسى جرحك لئلا تصبح سجينه.
المطلوب منك أن تنتقل من جرحك الى بناء الآخر وخدمته وأن تسعى اليه سعي الراعي الى الخروف الضال وأن تجعل في قلب المسيء السلام ليحس بأنّه أضحى أخاك وابن الرب الذي في السماء. فاذا ما بقيت على حقدك وغضبك تصبح أنت تسيء الظن بكل تحرك يصدر عن المسيء فتحوّله الى عدو دائم.
الذين لا يفهمون الصوم يبررون أنفسهم بتعييرنا، لماذا نمسك عن طعام ولا نمسك عن الرذائل كأنهم لا يرتكبونها وكأننا وحدنا نرتكبها. نحن لا نباشر الصيام بالحزن الا اذا أردنا بذلك الحزن على خطايانا، ولذلك نقول في غروب هذا اليوم (اي الأحد مساء): "لنبدأنّ اوان الصيام بحبور" .نحن طلاب فرح لأن كل همنا في هذه الحقبة ان ننتظر الفصح وان نتذوقه خلال ايام منورة، ونؤكد أن صومنا عن الأطعمة يرافقه صومنا عن الأهواء اي عن حوافز الشهوة. نحن لسنا في سعي الى تحسين صحتنا ولو نَفَعَ الامتناع عن اللحم، نحن في طريقنا الى رؤية النور يوم القيامة، ولذلك قلنا عند الغروب بالتضاد مع الظلام: "قد أشرقت استنارة نفوسنا".
بعد هذا ينتقل يسوع الى مظهرنا في الصوم. كان الوجه المتجهّم في الصوم شائعا عند اليهود. هذا لم يبقَ معروفًا في أوساطنا، ولكن لنذكر أنه واجبنا أن نصوم بفرح ولا نتأفّف من طول امتناعنا عن بعض الأطعمة. ومن اعتاد على الصوم عندنا فيتمنّى أن يبقى عليه في انتظار العيد.
أخيرًا يقول السيّد:"لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض حيث يُفسد السوس والآكلة وينقب السارقون ويسرقون. لكن اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يُفسد سوس ولا آكلة ولا ينقب السارقون ويسرقون، لأنّه حيث تكون كنوزكم هناك تكون قلوبكم". هذا الكلام مرتبط بالصوم عندنا فإنّ معلّما مسيحيّا في القرن الثاني للميلاد رفع رسالة الى الإمبراطور الروماني ويقول له : "لماذا تضطهدنا ونحن قوم محبّون لأنّه اذا جاع واحد منّا نمتنع عن الطعام ونعطي الجائع ثمنه". فالصوم لم يكن للتقشّف الا لكونه كان تعبيرا عن المحبّة. ولذلك شهد أحد آبائنا القديسين في القرن الرابع انه ليس جائع واحد في روما، مسيحيّا كان أم وثنيًّا، لأن المسيحيّين يصومون ويعطون الناس جميعا من أموالهم.
الإحسان اذًا واجب في الصوم، وعند ذاك لا يُعتبر المال شيئًا عظيما. في الصدقة تربّي نفسك على أنّ الله وحده هو القيمة الكبرى. "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ولكن بكل كلمة تخرج من فم الله". الصوم تاليًا يحوّلنا الى أنّ الله هو مشتهانا الكبير وأن الشهوة الرديئة تحوّلنا الى عدم.
لذلك قال بولس في رسالة اليوم:"إن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنّا. قد تناهى الليل واقترب النهار"، ويؤكّد :"لا تهتمّوا لأجسادكم لقضاء شهواتها" ويذكر عدة خطايا ومنها الحسد والخصام، وينهي بقوله: "البسوا الرب يسوع" ويريد بذلك أن التصقوا به كما يلتصق الثوب بالجسد فلا تبقى هوّة بينكم وبين المسيح. فالشهوات تتوالد وتتماسك؛ فالكذب موجود دائما عند السارق وموجود غالبا عند الزاني. وبسبب تماسك الخطايا يقول الرسول:"محبّة المال أصل كل الشرور". نحن نعرف عائلات انهارت بسبب البخل اذ تحس المرأة انه تعبير عن عدم محبّة زوجها.
لماذا تعشق المال اذا كنت لا تخاف من الموت؟ كل من أخطأ تحسبه الرسالة الى العبرانيين انه يعيش في العبوديّة مخافة من الموت. المسيح القائم من بين الأموات الذي تتوق اليه أنت بالصوم هو وحده الذي يحرّرك من عبودية الموت لأنّه قد غلبه في جسده. والصوم يعلّمك أن تصير توّاقًا الى المسيح وأن تستطيبه هو وأن تتناول جسده ودمه الكريمين ليس فقط في الآحاد ولكن في القداس السابق تقديسه الذي نقيمه الاربعاء والجمعة في كل أسابيع الصيام. واذا اشتركت في صلاة النوم الكبرى يوما بعد يوم، تحس بحاجتك الى الصلاة أي الى يسوع وأنت دائما فقير اليه والى أبيه وروحه القدوس، وتعرف نفسك خاطئا وتائبا بآن. الصوم زمن التجلّيات الكبرى والذوق الروحي العظيم. لذلك سمّاه آباؤنا ربيع النفس. خذ هذا الربيع اليك.
روحية الغفران المتبادل جعلت الكنائس السلافية تسمّي هذا الأحد احد الغفران. وفي الارثوذكسية جمعاء عند نهاية الغروب ينحني الكاهن امام المؤمنين جميعا وينحني امامه كل مؤمن حتى الأرض ويقبّله، ثم يجثو كل مؤمن امام الآخر ويتشكل هكذا صف بحيث يكون كل واحد قبّل كل الحضور، وفي هذا السجود العميم يرتل الروس قطعا من عيد الفصح في فلسطين، في شهادة لصفرونيوس اسقف اورشليم، يجتمع الرهبان في كنيسة الدير ويستغفرون الرئيس وبعضهم بعضا بالقبلة وينطلقون الى البراري كل منهم وحده (طبعا يعودون مساء السبت من اجل مناولة يوم الأحد)، ويرددون الاستغفار في مساء كل احد، وهذا وارد في طقوسنا حتى اليوم. كل هذا يؤكد ان صياما بلا محبة الإخوة عقيم. ولهذا كان الكهنة في بلادنا حتى الأمس القريب يسألون المعترف اذا كان في حالة المصالحة مع كل الناس شرطا لتناوله في اسبوع الآلام،هذا المعنى نجده في آخر سحرية الفصح: "اليوم يوم القيامة فسبيلنا ان نتلألأ بالموسم، ونصافِح بعضُنا بعضا ولنقل يا إخوة" (اي نُقبّل بعضُنا بعضا ونعتبر الكل إخوة).
magdeeb
magdeeb
مشرف المنتدى الهندسي

عدد الرسائل : 690
العمر : 37
الموقع : اليازدية عاصمة العالم
العمل/الترفيه : معماري مع وقف التنفيذ
تاريخ التسجيل : 18/09/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ثقافة دينية- زمن التريودي (2) Empty رد: ثقافة دينية- زمن التريودي (2)

مُساهمة  INTANIOUS السبت مارس 01, 2008 9:16 pm

سلام المسيح معك و مع الجميع.......شكرا على هذا المقال يا اخ مجد ......ومع قدوم زمن الصوم اتمنى ان تملئ المحبة قلوب الجميع لان المحبة اساس كل شيء
INTANIOUS
INTANIOUS
مشرف المنتدى الثقافي

عدد الرسائل : 30
العمر : 51
الموقع : الامارات العربية المتحدة
العمل/الترفيه : U.A.E //RAK
تاريخ التسجيل : 07/12/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى