Montada Mraizeh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قصة جاسوسة عربية الجزء الخامس

اذهب الى الأسفل

قصة جاسوسة عربية الجزء الخامس Empty قصة جاسوسة عربية الجزء الخامس

مُساهمة  ~*~Lord%of%the%Love~*~ الثلاثاء يونيو 03, 2008 5:29 pm



وليمة فسقوفي بيروت، استأجرت شقة بإحدى بنايات الروشة، أجمل مناطق بيروت، حيث ترى الشاطئ المتعرج برماله البيضاء التي يتقاذفها البحر على ضفاف اليابسة، وهو المشهد الذي وصفه الشاعر الفرنسي "لامارتين" بقوله: إن الطبيعة هنا . . بل كل شيء حولي أسمى من الخيال. لقد حلمت بجنة عدن . . لا . . بل لقد رأيتها". من شرفة شقتها كان أمامها البحر اللانهائي، وبقعتان من الصخور القاسية، هما صخور الروشة الشهيرة التي تكسر تلك اللوحة الناعمة وتزيدها جمالاً. وعلى بعد خطوات منها يقع مقهى الدولشي فيتا أشهر مقاهي بيروت، حيث المكان المفضل للفنانيين والمثقفين والجواسيس والسياح. كان الشيء الوحيد الذي يضايقها، هو انقطاع الحرارة عن التليفون. لذلك . . زارت صديقتها الأردنية خديجة زهران، وطلبت منها المساعدة. في الحال اتصلت خديجة بمانويل عساف موظف التليفونات، الذي ذهب بنفسه الى أمينة في اليوم التالي، ليؤكد لها أن المنطقة تعاني من بعض الأعطال بسبب تجديدات بالشبكة، ووعدها بأنه سيسعى في القريب للتوصل الى حل. منحته خمسين ليرة ليهتم بالأمر، ولكي لا ينسى . . منحته جسدها أيضاً. إذ وجدت فيه صيداً سهلاً تستطيع من خلاله التوصل لتليفونات وعناوين القادة الفلسطينيين. لم تندم عندما باعت الدين والوطن والأهل. فلم تجد غضاضة وهي تبيع نفسها لمانويل، الذي خر مستسلماً أمام امرأة شابة بعينيها نداءات جوع، تفوح من جسدها رائحة الأنوثة والرغبة؟ لقد شلت إرادته وأذهبت بعريها عقله، وحاصرته فلم يعد يملك حيلة للفرار. وأقبل عليها في شراهة ونهم، باعتقاده أنه أوقع بامرأة ظمأى. . بينما تصرفت هي كجاسوسة محترفة، بين أحضانه بدت في أقصى حالات الضعف، لكنها كانت أبعد ما تكون عن الإحساس بالمتعة. هكذا تفعل النساء في عالم المخابرات والجاسوسية . . فالجنس عندهن وسيلة فقط لا هدف. صدمت أمينة بشدة عندما تبين لها أن مانويل لا يملك ما تريده، فهو مجرد موظف صغير لا يملك قراراً. فلم يتملكها الإحساس بالندم أو الحسرة، بل أقنعت نفسها بأنها فشلت في تجربة أولى . . وحتماً ستنجح في مرات مقبلة. حاول مانويل عساف الوفاء بوعده لتتوطد علاقته بالمرأة النارية، فلم يستطع لأن رئيسه في العمل – مارون الحايك – بيده كل شيء . لذلك . . صارحه بما حدث، واصطحبه الى شقة أمينة داود المفتي. كان مارون الحايك متعدد العلاقات النسائية، يسعى خلف نزواته ومغامراته، منشغل بالتجسس على المحادثات التليفونية بين نساء المدينة، تستهويه لعبة المطاردة والبحث عن صيد جديد. وبغريزة الأنثى التي لا تخيب، أيقنت أمينة ما بنفسه، واثقة من كنز معلوماته عن الزعماء الفلسطينيين في بيروت. لذلك تركته بتناول معها وليمة فسق أتخمته، وأحاطت عقله بسياج من غباء. وبينما الجسد المنهد ساكناً . . أجاب عن أسئلتها . . وأطلعها – بعد عدة ولائم – على التليفونات السرية للمنظمات الفلسطينية، ولزعماء الجبهات وعناوين إقامتهم بحي الريحانة الشهير. وبواسطة صندوق بريد ميت، صبت أمينة كل ما تفوه به مارون في خطاب من عدة صفحات، تسلمه عملاء الموساد في بيروت. لتجيئها الأوامر بعد ذلك بالتحرك دون انتظار. فالمطلوب منها هو الحصول على القوائم السرية لرجال المخابرات الفلسطينية "رصد" في أوروبا وصفاتهم. ولن يتاح لها ذلك إلا من خلال مكتب منظمة التحرير الفلسطينية – مكتب ياسر عرفات شخصياً، أو مكتب رئيس جهاز المخابرات علي حسن سلامة المطارد في كل مكان في العالم، والذي أطلقت عليه جولدا مائير لقب "الأمير الأحمر"، لأنه بطل عملية ميونيخ التي قتل فيها أحد عشر إسرائيلياًزيارة الى المخيمكانت السيارة العسكرية تخترق شوارع بيروت بسرعة مذهلة، بينما كانت أمينة المفتي متكورة الى يمين السائق، تنتفض عروقها رعباً، ويرتعد بدنها كله لهول النهاية. لم تسأل مرافقيها عن وجهتهم، أو لنقل إنها لم تجرؤ على ذلك. إذ انحصر تفكيرها في تحين الفرصة المناسبة للبحث عن كبسولة سم السيانيد، التي خبأتها بين خصلات شعرها بواسطة شريط لاصق. فحتماً سيكتشف الجنود المدججون بالسلاح ذلك عندها سيضطرون الى تكبيلها بالسلاسل الحديدية، فتضيع منها فرصة الانتحار الوحيدة. تنبهت أمينة قليلاً وتعجبت، فالسيارة عرجت بها فجأة الى طريق مخيم شاتيلا. ترى . . هل أقام الفلسطينيون معتقلات الخومة بداخل المخيمات؟ هكذا تساءلت في نفسها، وقبلما تسعفها الإجابة انطلق صوت احد الجنود من خلفها، يحث السائق على أن يزيد من سرعته، فالجرحى الذين جيء بهم من الجنوب كثيرون. وعند هذه العبارة أفاقت أمينة تماماً، سألت الجندي عن الأمر، فأجابها بأنهم ضحايا إحدى الغارات الاسرائيلية على معسكر فلسطيني بالقرب من مفرق مخيم عين الحلوة - السيروب في صيدا. ونظراً للعجز الكبير في الأطباء المتطوعين، دلهم على مكانها مكتب المخابرات "الذي يترأسه علي حسن سلامة". فاستجمعت أمينة شتات عقلها في صرخة مدوية:غبي .. غبي.. كلكم أغبياء وتيوس أهكذا تستدعون ضيوفكم؟ وبينما ينطلق صرخها بالسباب، وبأنها ستشكوهم لعرفات شخصياً، كان الجنود يعتذرون لها . . ويلحون في ذلك أيما إلحاح. تلك الحادثة . . لم تسقط أبداً من ذاكرة أمينة. إذ زرعت لديها شعوراً قاتماً بالخوف في قدراتها التجسسية بين أناس يشكون في كل غريب وافد. لذلك، كان عليها أن تغسل الخوف الملتصق بها، وتتعاطى جرعات كبيرة من الهدوء، . . والتعلم، . . والحنكة وما كان يتأتى لها ذلك إلا في إسرائيل. هكذا أنهت عملها في مستشفى مخيم شاتيلا، واستأذنت في السفر الى فيينا لتسجيل اسمها لدى إحدى جمعيات الطفولة الدولية. وهناك . . في شقتها الخاوية بين الجدران الصماء والفراش البارد، اهاجتها الذكريات فضربت عمق وعيها، وأخذت تطوف بالغرف من جديد تتحسس الأرائك والأدراج وأحذية موشيه القديمة، وتقلب صفحات الألبومات تتلاحق أنفاسها في اضطراب وشجن. وبكت كثيراً بين أحضان سارة بيراد شقيقة زوجها المفقود، وسافرت معها الى حيث يقيم والدي موشيه في وستندورف، يجرعان الأسى ويعتصرهما المرار. هناك. . تخلت أمينة عن أهم قواعد الجاسوسية، وهي السرية المطلقة، وتفاخرت أمامهم جميعاً بأنها تثأر لموشيه كل يوم من القتلة العرب، وتنتقم منهم دونما رحمة أو شفقة. قصت عليهم أيضاً الكثير من أسرار عملياتها في بيروت، وما كانت تعلم أن سارة المنخرطة في جماعات الهيبيز، تصادق شاباً فلسطينياً قتل اليهود والده، فهام يتيماً . . بائساً. . متسكعاً . . يجوب مدن أوروبا بلا هدف. . أو وطن. وبجواز سفرها الإسرائيلي، طارت أمينة الى تل أبيب تحمل جرعة هائلة من الغضب. . تدفعها بقوة لأن تستمر . . وتنطلق بكل كيانها لتثأر. . وتثأر . وفي مذكراتها عن رحلتها تلك الى فيينا قالت: اليوم - 18 سبتمبر 1973 - زرت شقتي بفيينا وأنا بطريقي لإسرائيل كان جسدي يرتعش وأنا أصعد الدرج، وفشلت مرات في معالجة الباب. وعندما أضأت الأنوار واجهتني صورة موشيه الكبيرة باللباس العسكري. فمسحت زجاج الإطار وقبلته، وعلقت باقة من زهور البانسيه التي يحبها الى جواره. لقد خيل الي أن ابتسامته الرائعة تفيض بالعتاب . . بل هي كذلك. فتذكرت . . يا لغبائي . . كيف دفعته بنفسي الى نهايته، عندما شجعته على الهجرة لإسرائيل. حاولت أن أستعيد ابتسامته فلم أنجح. لحظتها.. ركعت على ركبتي أمامه وأجهشت بالبكاء. ورجوته بألا يلومني أو يغضب مني، فأنا أنتقم له . . وآخذ بثأره. ولن أهدأ حتى أشهد بنفسي بحور الدم المراق تعلوها الأشلاء الممزقة. وأرى ألف زوجة عربية تبكي زوجها، وألف أم فقدت أبنها، وألف شاب بلا أطراف. عندئذ فقط لمحت ابتسامته وقد ارتسمت من جديد، وأحسست كما لو أن يداه كانتا تحيطان بي. يا للخائنة المحشوة حقداً، لم تكفها كل تلك الخيانات للدين والوطن، فطفقت تبحث عن المزيد والمزيد، الذي تطفئ به نيران الغضب المشتعل بعروقها. ولذلك. . كانت رحلتها الى إسرائيل، لتستمد الهدوء . . والتعلم . . والخبرة. ولكي تجيد فنون التجسس . . والانتقام.
~*~Lord%of%the%Love~*~
~*~Lord%of%the%Love~*~

عدد الرسائل : 147
العمر : 31
الموقع : www.mraizeh.com
العمل/الترفيه : يبحث عن love
تاريخ التسجيل : 05/05/2008

http://www.mraizeh.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى