Montada Mraizeh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قصة جاسوسة عربية الجزء الرابع

اذهب الى الأسفل

قصة جاسوسة عربية الجزء الرابع Empty قصة جاسوسة عربية الجزء الرابع

مُساهمة  ~*~Lord%of%the%Love~*~ الثلاثاء يونيو 03, 2008 5:25 pm


البحث عن المستحيل
أخضع موشيه لتدريبات الاستطلاع الجوي، بعدما تقلد رتبة رائد طيار في سلاح الجو الاسرائيلي. وفي آخر يناير 1973 طار بطائرته الـ سكاي هوك باتجاه الجبهة السورية، فأسقطته مدفعية السوريين في أول طلعة استطلاع له، واعتبر مفقوداً منذ تلك اللحظة لأن سوريا لم تعلن عن أسر الطيار الاسرائيلي كما كان يحدث، لكنها أعلنت بأن الطائرة انفجرت في الجو وقائدها بداخلها.لم تصدق أمينة الخبر، ولأيام طويلة تصرخ صرخات هستيرية لا تتوقف. وفي عيادة "كوبات حوليم هستدروت" للأعصاب في ريشون لتسيون، احتبس صوتها، أو لنقل إن صدمة الفاجعة ألجمت لسانها فصمتت.وقبعت خلف زجاج حجرتها تنظر الى السماء، تزوغ نظراتها أحياناً وأحياناً أخرى تتبع العصافير في طيرانها ولهوها. وبعد شهر ونصف تكلمت، ونطقت قائلة بأنها تشكك في البيان السوري، وبأن موشيه ما يزال حياً، متخفياً بين الحشائش والمغارات. فهوي طيار ماهر وقدراته عالية جداً. وفي منزلها - وكانت برفقتها إحدى الأخصائيات النفسيات – كانت تحدث نفسها نهاراً بصوت مسموع، وفي الليل يسمع لها أنين خافت مليء بالوجع، هو مزيج متهالك من مشاعر الحسرة والضياع. لقد صبت جام غضبها على العرب الذين أرهقوها في الأردن، وطاردوها في النمسا، وضيعوا حلمها في الاستقرار بإسرائيل. إنهم آفة مستقبلها المظلم الآن، وسبب نكبتها وفجيعتها في زوجها الشاعري المهذب. ولأنهم هدموا حياتها كلها، تمنت لو أنها تستطيع الانتقام، فها هي وحيدة يائسة بين أناس لا تعرفهم، بل وتجهل لغتهم العبرية وعاداتهم وطقوسهم. وعمداً تناست أنها هي التي دفعت بحياتها الى مستنقع الهاوية، عندما تزوجت من يهودي، ودفعته للهجرة الى إسرائيل خوفاً على حياتها، فقذفت به الى مصير مجهول، مماثل لمصيرها. وقبلما يحطمها الانتظار ويعتريها الجنون، تقدمت بطلب الى السلطات المختصة للسماح لها بالسفر الى بيروت ودمشق لتقصي أخبار زوجها.وما هي إلا أيام قليل حتى طارت بجواز سفرها الاسرائيلي الى فيينا، فالتقت بأسرة موشيه الحزينة، ومكثت بينهم عدة أيام حاولت خلالها أن تتنسم عبير الحبيب المفقود، لكنها أحست بأن عبيره أشد كثافة ووقعاً بأطراف العاصمة. وفي الشقة التي شهدت أروع ذكرياتها، أطلقت شهقات حزنها ولوعتها وحيدة تلثم المقاعد والستائر والوسائد، وتطوف بين حجراتها تنادي موشيه وتتحسس كتبه واسطواناته وأحذيته. مجنونة تلك المرأة الملتاعة، التي لفظتها أرجوحة الثمالة الى جب الهاوية، فدوت صرخاتها تتردد في الأعماق لهفى الى الضياء والأمان، ويبث الصدى في شقوقه ألم الإنسان وظلمه لنفسه. وبصعوبة شديدة، استطاعت سارة إقناعها بأن تغاد الشقة، حملت أمينة حقائب حزنها وتوجهت الى المطار. وبجواز سفرها الأردني طارت على أول رحلة الى بيروت. وشارع الحمراء – أشهر شوارع بيروت - نزلت بأحد الفنادق. وفي رحلة تجوالها تعرفت على سيدة لبنانية -أردنية الأصل- تدعى خديجة زهران، تمتلك وتدير محلاً للملابس الجاهزة، فاشترت منها ملابس بمبلغ كبير لتتقرب اليها، ودلتها خديجة على شقة صغيرة بحي عين الرمانة، انطلقت منها للبحث عن زوجها، وتسقط أخباره من الفلسطينيين ذوي الكثافة بالحي. وبعد رحلات عديدة بين بيروت ودمشق، فشلت أمينة في الوصول الى ما يطمئنها، وتأكد لديها أن موشيه قتل لا محالة. وغادرت بيروت الى فيينا تنخر بعقلها أحزان تقترب بها الى حافة الجنون، وتخنقها عبرات الأسى والغربة، والفزع.في المصيدةفي شقتها بفيينا، أيقظها اتصال هاتفي من تل أبيب، وفي اليوم التالي استقبلت ثلاثة رجال عرفت منهم أنهم ضباط إسرائيليون، مهمتهم إنهاء إجراءات الإرث الخاص بها، دون إثارة مشاكل مع أسرة زوجها أو الجهات الرسمية سواء في النمسا، أو في إسرائيل.كان ميراثها وحدها مع التعويض يربو على النصف مليون دولار، مع الشقة الرائعة في ريشون لتسيون، وضمانات حماية وأمن فوق العادة.لقد كان المطلوب منها أن تتعاون معهم لقاء ذلك، وتنفذ ما سيطلب منها بلا تردد. فبقياسات المخابرات، تعد أمينة المفتي كنزاً ثميناً لا يقدر بمال. فهي امراة عربية فقدت وطنها وأهلها، وتعيش في وضع نفسي سيء مليء بالخوف، ولا مأوى لها سوى في إسرائيل. لكل تلك العوامل كان لا بد من استغلالها واستقطابها، بقليل من بث الكراهية في نفسها لهؤلاء العرب الذين قتلوا زوجها وقد كان يمثل لها الأمن والحماية، وبالضرورة هي بحاجة ماسة الى الأمن والحماية من بعده. لقد كانت رؤيتهم على صواب، فأمينة المفتي التي تحمل الجنسية الأردنية، والنمساوية والاسرائيلية، لم تكن بحاجة الى كل هذا التخطيط والتمويه لجرها الى عش الجاسوسية، والعمل لصالح الموساد ضد وطنها وشعبها. إنها غارقة في الضعف، واليأس، والضياع. وبعدما باعت الدين والوطن فهي لا تملك أثمن منهم لتبيعه. يقول الكاتب الأديب محمد حسين الألفي: (هناك دراسات علمية أجريت مؤخراً، كشفت عن نتائج سوف تقلب تفكيرنا رأساً على عقب، فقد ظهر أن الخيانة في الدم، بمعنى، أن الناس يولدون والخيانة في دمهم أحد مكونات الدم .ومنذ البداية – لم تعر أمينة المفتي للشرف انتباهاً، إذ خلعت ثوب الشرق المحتشم، واستبدلته بغلالة الغرب عن طوع ورغبة. نازفة دماء عروبتها، وعقيدتها، وعفتها. لذا لم يكن من الصعب على الضباط الثلاثة إخضاعها، مستغلين ضعفها الإنساني ووحشتها، عازفين على أوتار كراهيتها للعرب، وللفلسطينيين على وجه الخصوص. إن الجاسوسية في عرف جهزة المخابرات لا تقر بمبدأ الرحمة، ولا تستجيب بأي حال لنداءات الضمير. إنه عالم عجيب مثير، يفتقد العواطف، ولا تصنف المشاعر تحت سمائه. وفي دهاليزه المظلمة الغامضة، توجد هناك دائماً مساحة ضيقة من الطموح والجنون، وبقدر ما لدى الإنسان من رغبة محمومة في تحقيق احلامه، وتوهماته، تعميه الحقيقة المرة أحياناً عن معالم الطريق ويتحول لمخلوق مبصر يتحسس الخطى دونما توقع لنواميس القدر. فالنفس البشرية ما تزال تمثل لغزاً محيراً عجزت العقول عن تفسير بعض جوانبه، ولذلك، لا نندهش أمام تقلبات البشر، وجنوح العقول، وانحرافات الأمزجة والسلوك.تلك هي النفس البشرية ، لغز الألغاز، سرها لا يعلمه إلا خالقها سبحانه وتعالى. هكذا سقطت أمينة المفتي في مصيدة الجاسوسية، وأسلمت قيادها للضباط الثلاثة، الذين أقاموا لها دورة تدريبية مكثفة استغرقت شهراً وأربعة أيام في شقتها بفيينا، تعلمت أثناءها أساليب التجسس المختلفة من تصوير، وتشفير، وتلقط الأخبار، وكيفية الالتزام بالحس الأمني، والتمييز بين الأسلحة. دربوها أيضاً على كيفية تحميض الأفلام، والهرب من المراقبة، واستخدام المسدس. واستقدموا لها من إسرائيل خبيراً في تقوية الذاكرة، وتخزين المعلومات والأرقام دون نسيانها. فكانوا يعرضون عليها مشهداً من فيلم سينمائي، ويطلبون منها الإجابة كم طبقاً كان على المائدة؟ ما لون ستائر الشباك؟ كم لمبة بالنجفة؟ كم عدد درجات السلم؟ أجادت آني داود دورتها الأولى في التجسس، وأصبحت أكثر إصراراً على الانتقام والتحدي، وعمل المستحيل للثأر لزوجها الذي فقد بالقرب من الجولان – والجنوب اللبناني، إنها تريد تأكيد حبها لموشيه، من خلال حبها للعمل مع إسرائيل ضد العرب. ولم تعد تزعجها كثيراً هلاوس الليل عندما تحلم به يسعى في الجبال ممزق الثياب، كث اللحية، غائز العينين، يناديها أن تنقذه. وكثيراً ما ترى جسده ممزقاً في قطع صغيرة، تلتهمها فئران الخلاء. وغادرت فيينا الى بيروت هذه المرة . . لا للبحث عن زوجها، وإنما للانتقام له، مهمتها المحددة تقصي أخبار رجال المنظمات الفلسطينية، ورجال المقاومة الذين يؤرقون أمن إسرائيل، ويحيلون ليلها الى نهار لشدة القصف . . والتفجيرات الفدائية.كانت أيضاً مكلفة بالتحري عن مراكز إقامة قادة المقاومة، والطرق التي يسلكها الفدائيون للتسلل الى الأرض المحتلة، أيضاً والتغلغل داخلهم لمعرفة أعداد الفدائيين، وتدريبهم، وتسليحهم. ومدى مهارتهم في التخفي والمناورة، ومخازن الأسلحة والإعاشة.
~*~Lord%of%the%Love~*~
~*~Lord%of%the%Love~*~

عدد الرسائل : 147
العمر : 31
الموقع : www.mraizeh.com
العمل/الترفيه : يبحث عن love
تاريخ التسجيل : 05/05/2008

http://www.mraizeh.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى